ثمانية وعشرون عاماً من المحاولات

يصادف اليوم دخولي العام التاسع والعشرين، أنهيت آخر يومٍ من سن الثامنة والعشرين البارحة وودعته ببعض أكلاتي المفضلة – التي امتنعت عنها مؤخراً بعدما قامت وزارة الصحة مشكورةً  بإلزام المطاعم والمقاهي بوضع السعرات الحرارية على قوائمهم – وهي فولوفان الدجاج والفطر وفرنش توست الكريم بروليه من مطعم مادلين واعدةً نفسي- وما أكثر الوعود- أنني سأعتني بصحتي ووزني بشكل أكثر جدية قبل دخولي سن الثلاثين العام المقبل.
قررت أنني لن أستعمل وسائل التواصل الاجتماعي اليوم لأنني أريد هدوءاً أكثر في عقلي حيث قضيت يوم البارحة بأكمله بينها وبين مشاهدة نتفليكس وويفو، بدأته بالشاي (لست من عشاقه ولكنني أصبحت ألجأ إليه بعد منعي من الإكثار من القهوة من قبل الطبيب بسبب مشاكل في المعدة) واستكمال قراءة كتاب سارة واندلسون (لنجعل الوحش جميلاً أولاً) عن رحلتها مع القلق.

لجأت العام الماضي أول مرة لأخصائية نفسية خوفاً مني من اللجوء إلى أطباء ووصفهم لي أدوية تخدرني وتجعلني أعيش بـ”تنميل” إن صح التعبير وإن لم تكن هناك حاجة ماسة إلى ذلك، أعتقد أن هناك موجة عامة من عدم الثقة بالأطباء للجوئهم إلى العلاجات الدوائية الأسهل والأسرع فوراً دون محاولات خالية منها أولاً. بعد عدة أسئلة عني، عن أسرتي وتصرفات/مشاعر عامة أخبرتني أن لدي ما يسمى بـ”الشخصية القلقة” والتي قد تتعرض للاكتئاب عند وجود الضغوطات. بعدها بدأت ملاحظة تصرفاتي ومشاعري بشكل عام، ما يستثير القلق الكامن، كيف يبدو عقلي متأهباً بشكل مستمر وكامل طوال الوقت بحثاً عن ما يشبث به ويتغذى بالقلق عليه.
وجدت هذا الكتاب في مطار عمَان أثناء عودتي إلى الرياض واقتنيته دون تخطيط مسبق، وحتى الآن تعرفت على جوانب مختلفة من القلق ووسائل جديدة لمحاولة التعامل معه (لا أزال أبحث عن طبيب/ة أو أخصائي/ة للتعامل معهم لكن للأسف لا يوجد هنا العديد من الخيارات الجيدة ووجود طوابير انتظار لدى ذوي السمعة الحسنة)، ولكن إلى ذلك الحين أحتاج للعمل على نفسي، وقد أقوم باستخلاص النقاط الهامة من الكتاب في وقت لاحق.

بعد انتهاء العام الثامن والعشرين وعدم وصولي إلى أي مما توقعت وصولي إليه قبل بلوغي التاسعة والعشرين، خلصت إلى هذه النقاط خلال العام الماضي:

  • لكي تحس بالمسؤولية اتجاه حياتك، عليك قدر الإمكان محاولة الاختيار فيما لك يدٌ في اختياره، ألا تعيش بين الخيارات ملقياً باللوم عليها، حتى إن كان الاختيار خاطئاً ولم يحقق النتيجة المرجوة، على الأقل سيكون اختيارك.
  • محاولة التعايش مع القلق وممارسة الأمور التي قد تساعد في السيطرة عليه، ألا يصبح شعور القرصة في القلب والعواصف المتحركة في المعدة ونبضات القلب المتسارعة العالية جزءاً من حياتي اليومية.
  • رغم أني لم أصل لهدفي الصحي المرجو إلا أنني مقارنة بالعام الماضي خسرت بعض الوزن وكنت قادرة على استبقاء بعض العادات التي لم تدمرها إجازة العيد والإجازة التي منحتها لنفسي لأخذ بعض الراحة بين وظيفتين كالصيام المتقطع اليومي.
  • لا أزال أحاول معرفة كيف يتجاوز الإنسان آلامه والصعوبات التي تواجهه دون أن يقسو قلبه تجاه من حمَله إياها بشكل متكرر وإن كان ذلك دون قصد.
  • فقدان الأمل في المحيط والرغبات والنفس هو أكثر شعورٌ مخيف قد يمر به الإنسان، مررت به العام الماضي ولا أتمناه لأي أحد، كنت أدعو الله بكثرة أن يريني النور وأن يرسل لي من يساعدني على رؤيته لأنني فقدت القدرة على ذلك، وقد انتهى عامي بشكلٍ أفضل ولله الفضل والمنة لكنني لا أزل في مرحلة انتقالية، وظيفة جديدة ومنزل مؤقت ومنزل يخضع لإصلاحات جذرية (أما دواخلي هي في مرحلة انتقالية مستمرة منذ عرفت نفسي).
  • عدم انتظار الأمور حتى تكون في صورتها المثالية للبدء، أجلت بدء المدونة وتعلم العديد من الهوايات انتظاراً للـ”الوقت المثالي”، ولا يوجد هناك وقت مثالي في الحياة حقيقةً.
  • أن الحياة لن ولا تخلو يوماً من الصعوبات والعقبات والمحبطات، ليس هناك حياةٌ مثالية في الواقع، وجل ما أصبحت أتطلع له هو إيجاد نقطة التوازن الخاصة بي التي تقيني شر الوقوع والوصول إلى حفرٍ عميقة عند مجابهة المنغصات، التي تحمي قلبي وروحي من اليأس والخوف والقلق المستمرين.

وأخيراً، بمناسبة الحديث عن القلق أود مشاركة أغنية لأحمد الجميري استمعت إليها واستمتعت بها بشكل متكررٍ مؤخراً:

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s