قضيت اليوم ساعةً ونصف في إعداد وجبة الإفطار والتي كانت عبارة عن فطائر محلاة خفيفة بوصفة فهد اليحيا بجانب بعض البيض المخفوق مع الفلفل الأحمر البارد، البصل الأخضر والطماطم. ومن ثم أستغرب من ركض الوقت وعدم تمكني من اللحاق به..
ارتديت ملابس التمرين حتى نهاية اليوم ولكن لم تكن لدي الطاقة الكافية للقيام بذلك.
غريبٌ هو ضعفنا البشري، كيف يضعنا موقفٌ متناهٍ في الصغر أو سؤال عادي في ركنٍ شديد الضّيق أمام فيض من المشاعر المنهمرة، يُرجعنا عشرات السنين إلى مشاعر ذلك الطفل الخائف المنزوي وراء الباب، الناقم على حساسيته المفرطة.
الطفل الذي لا يملك سوى وضع أصابعه في أذنيه لطمئنة نفسه، الصامت ذعراً، والذي يبحث في خيالاته ومجلات ميكي وبطوط عن هروبٍ من الواقع دون إدراك فعلي لذلك.
الطفل الذي يختلق ويعيش أحلام يقظةٍ تأخذه بعيداً عن الحاضر ليمضي ساعاتٍ طويلة هناك، حتى تبدأ تختلط مع الحقيقة.
الطفل الذي يتوق إلى دفء ويقين المعامِلات الثابتة في حياته.
لا زلت لم أصل لنقطة سلام مع هذه المواقف الصغيرة، ولا زال شعور انتفاخ البلعوم الناتج عن ابتلاع الكلمات مصاحباً لها.
أخاطب نفسي لتهدئتها ومحاولة استعادة التوازن: يوماً ما -بإذن الله- سيكون فيض المشاعر المؤلمة هذا حقبةً وذكرى أعود للمرور عليها في دفاتري وبين كتاباتي فقط، لن يعود الألم المتجذر في جوفي أكثر مشاعري صدقاً وألفة.
يوماً ما سأكون أكثر جَلَداً وأقوى قلباً وسأتمكن من التجاوز والمسامحة. سيكون قلبي أكثر قدرةً على الحب، وسيتوقف عن الهرب منه خوفاً وانتهاجاً للبعد والابتعاد والصمت عن التعبير، حمايةً لصاحبه الطفل الذي لم يعد طفلاً بل قارب على بلوغ أشدّه.
يوماً ما سيسمح للحب أن يغسله، برداً وسلاماً، وسيُكسر هذا الجليد المحبوس بداخله.
ربت على يومي طبق الجريش الدافئ، وصوت الرعد والأمطار التي تذكرني دائماً بحجم العالم واحتمالاته.
الله يبعتلي ويبعتلكم أيام حلوة