السادس من تشرين الأول

أستيقظ بشعورٌ قلق وكأن ورائي شيءٌ ما ثقيلٌ ينتظرني. أجلس على السرير قليلاً أحاول استيعاب السبب، هل لدي مهام عمل ترتبط بعملاء “غثيثين” اليوم؟ نعم ولكن هذا هو الحال كل يوم.

أشعر بأنني “ملخبطة”، وكأن شفرات حياتي قررت التفكك جميعاً في ذات الوقت، اكتشفت عالماً جديداً للصحة الجسدية وأبحرت فيه وبدأت باتباع قواعده، ثم أجريت تحليلاً للمعادن من خلال عينة شعر واكتشفت أن ما أعاني منه وأن النظام الذي أتبعه شبيه جداً بما يحتاجه جسدي في الفترة الحالية، إلا أن علي تغيير بعض الأمور فيه. “يادوب” بدأت بالاعتياد على السابق، هل هذا هو الطريق الصحيح أم أنني أغرق نفسي؟ لكن ما جعلني أبحث بدءاً هو أنني بغض النظر عن غذائي الصحي وحركتي لمدة تقارب العامين إلا أن هناك أعراضاً صحية وخمولاً لا يفارقانني. على الأقل الآن لدي شيءٌ ما أضع يدي عليه. أقول لنفسي: علها خيرة، أن أخوض كل هذا الآن لأقلل احتمالية الإصابة بأمور أكثر خطورة كلما تقدم بي العمر.

تسألني صديقة أو قريب عند الاجتماع على وجبة عن سبب عدم قدرتي على تناول هذا الصنف أو ذلك، وأشعر أن الشرح طويل ومتشعب وقد غرقت في تفاصيله أسابيع وبدأت بتجربته حتى بدأت في فهم المعدة وتفاعلها مع الغذاء. يشعر بعضهم أنني أبالغ وأن الحرمان غير مفيد، لكنني توقفت عن النظر إليه كحرمان وأعتقد أن هذا هو المهم بالنسبة لي، بل أنظر إليه كشكر ومحاولة محبة وتصالح مع هذا الجسد الذي تحمل سوء تعاملي معه كثيراً ومحاولة خلق أفضل بيئة قد ينمو فيها أحدهم يوماً ما وأفضل احتمالٍ أملكه ليحملني جسدي دون أن أثقل عليه عندما أتقدم في السن، محاولةً للتناغم معه ومع طيبات الرزق، ومحاولة لتسمية الأشياء بسمياتها الحقيقة.

يجعلني هذا أتأمل في اختلاف تجربتي دوماً، لطالما جزعت من تجارب ومواقف مررت خلالها وحاولت إيجاد مرجعية شبيهة (Bench-marking) لما أمر به من خلال تأمل حيوات الآخرين وتجاربهم والبحث في مصادر أخرى، لكني أغلب الأحيان كنت أعود خالية الوفاض حائرة، فما أمر به لا يشبه ما قرأته هنا وما سمعته هناك من أصحاب الثقة والحكمة. فخلصت إلى أن جزءاً من قصتي هو الاختلاف حتى وإن حاولت مصارعته، كما أن جزءاً منها هو الوصول إلى الجذور مهما حاولت الهرب من ذلك إلى القشور السريعة ومهما كان الطريق إليها مؤلماً ووعراً ووحيداً وموحشاً.

كان اختلافي دائماً غير مريحاً بالنسبة لي وكنت أحاول الانخراط بكل ما أملك لأنني أعتقد أن الحاجة إلى الانتماء فطرية، وفي كل مرة كنت أجابه ما يجعلني أواجه حقيقة اختلافي منذ أن وُجدت هنا ومنذ أن بدأت قصتي سواءً رغبت بذلك أو لم أرغب. حتى اقتنعت أن ذلك جزءٌ لا ولن يتجزء منها وعليّ الآن أن أبحث عما يصالحني مع هذا الجزء أكثر حتى أصل لمرحلة التقبل المحب والانسجام.

2 comments

  1. As.wy · أكتوبر 12, 2020

    تصالح ذاتي مهيب🧡

    إعجاب

  2. محاولة · أكتوبر 13, 2020

    بل هي محاولةٌ للتصالح إن صح التعبير..

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s