آخر أسبوع من الإجازة- كانون الأول

اليوم كان أول يوم عملٍ لي بعد العودة من إجازتي والتي انقضت سريعاً بالطبع.
استسلمت إلى حقيقة أنني أحتاج إلى من تساعدني في مهام المنزل بشكل أسبوعي على الرغم من أنني كنت لا أفضل الاستفادة من الخدمات المقدمة من شركات عمال المنازل بالساعة لعدة أسباب أخلاقية وإنسانية، إلا أنني حالياً لا أمتلك حلاً آخر لأنه في المقابل الغرف التي يتم تصميمها في الشقق للعاملات المنزليات لا أعتقد أنها تكفي طفلاً حتى تكفي إنساناً بالغاً عاقلاً يحتاج إلى مساحته الشخصية في المكان الذي سيكون مقر معيشته لما يزيد عن عام.

أجلس في نهاية اليوم بعد الانتهاء من الاجتماعات والانتصاف في رسائل البريد الالكتروني التي تجاوزت الأربعمائة، وبعد إعداد الغداء وتناوله، في انتظار انتهاء العشرة دقائق التي يحتاجها مشروب الليمون والزنجبيل الدافئ حتى (يختمر) إن صح التعبير.

يغمرني إحساسٌ كنت أحاول الهرب منه من خلال الإجازة. أشعر أن هذه المرة مختلفة عن كل مرة، وكأنني انتصفت في الطريق الطويل، أرى ما مضى بقلبٍ كان يحمل غضب الدنيا حتى فتته مراراً وتكراراً ليتجمع مرة أخرى وبشكلٍ آخر، ليتجاوز التوقعات التي خابت ويفهم ما ورائها من معاناة أشخاصٍ خُيبت توقعهاتهم حتى بقي ما بقي منهم. يتجلى لي فهم أن ما كان كان وما سيكون سيكون، لا أستطيع تغيير الماضي ولا الحاضر وإن خرقت الأرض وبلغت الجبال طولاً. أنه ليس هناك نهاية مغلقة حالمةٌ للآلام والندوب، أن الناس لا يتغيرون وإن أحببتهم مراراً وتكراراً وتوقع عقلك الباطن وحلمت بتلك اللحظة التي تأتي ليخبرك أحدهم بأنه يعلم بما تسبب لك به من صعوبات ومعاناة وتُفتح صفحة جديدة وتصبح الدنيا “بمبية”. أن هذا الألم مقدر لك لأسباب لا تعلمها وتجهل حكمتها لكنها جزء من قدرك وجزء من تجربتك المحتمة عليك سواءً ركلت وعارضت وقاومت ذلك بكل ما أوتيت من قوة وطاقة أو رضيت واستسلمت.

أعلم ذلك كله، لكنني أشعر أنني أصبحت في منطقة شديدة الرمادية، فلست غاضبة ولا متمسكة، ولكنني لست متأملة ولا متفائلة في الوقت ذاته. أرغب في أخذ مقعد المتفرج ومشاهدة الشريط يمر من أمامي، لا أرغب في القيام بأي فعل أو اتخاذ أي قرار ولا أمتلك الطاقة لذلك.
أعلم أن عملي خالٍ من المعنى والمتعة بالنسبة لي وبأنه يساعد في إثارة كل مكامن الضعف لدي، لكنني لا أود الهرب هذه المرة باستقالةٍ أو طعامٍ لا يضيف إلى صحتي أو اختباءٍ وانطفاء، لأن ذلك لا يغير من الواقع شيئاً فكل مرة أعود للاصطدام بذات الجدار. هل هناك حلولٌ أخرى؟ لا أعلم.

أشعر أنني حاولت كثيراً في كل الاتجاهات، ولا أستطيع التمييز ما إذا كان هذا استسلاماً وتسليماً إيجابيين أم يأساً، ولا أستطيع إنكار خوفي من هذا الشعور ومن تلوينه لي.

الله يبعتلكم أيام ملونة بألوان مبهجة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s