اليوم استيقظت مبكراً للذهاب لموعدي الشبه أسبوعي صباح السبت، ثم قمت أخيراً بزيارة مكتبة جرير وشراء أدوات الرسم. بعدها مررت على مكان القهوة المفضل لدي، أثناء القيادة كانت الشمس شديد السطوع، كل الشوارع والمحلات والسيارات تبدو شديدة الوضوح دون الغبش وقلة الدقة والوضوح الذي يسببها غيابها. شعرت بحب شديد نحو الشمس وضوئها والوضوح والنور الذي تمنحه لأيامي.
لا يزال في خلفية مشاعري منذ البارحة شعورٌ ثقيل حاولت التغلب عليه. أن تستوعب ما حصل لك وتطلب المساعدة وتتقلب بين أيام مرة وحلوة هو أمر طبيعي تستطيع التعايش معه، لكن أن ترى أحدهم يغرق ولا يسمح لأي شخص بمشاركته شعوره ولا يرى حاجته الماسة لطلب المساعدة لعمق القاع الذي مكث فيه عمراً حتى ظن أن هذا كل ما يمكن للحياة أن تحتوي من مشاعر هو أمر آخرٌ تماماً.
تعرف ألمه كما تعرف ظهر كفّيك، فقد كنت حوله دائماً، تتواجد بصمت وخوف مكظوم لأنك لا تمتلك سوى هذه الحيلة. تعرف ألمه لأنك كنت تسمعه ولا يزال صوته واضحاً في ذاكرتك مهما حاولت الهرب بالانشغال في الحياة وبنفسك، لكن صوته وخوفه وعجزه يزورك أحياناً ليوقظك في منتصف الليل، ويزورك أثناء تأملك في غرف الانتظار، ويزورك على هيئة نوبة قلق توقظك صباحاً.
تتسائل بينك وبين نفسك: إن كنت استطعت التجاوز والمسامحة في أغلب أيامك، لكنه هو لم يستطع لأنه لا يعرف بعد أنه عالق في ذلك جله، هل سيستمر ذلك في إعادتك إلى نقطة الصفر؟ وهل سيتمكن ويتحمل يوماً مواجهة الحقائق دون تجميل؟
هل هناك نقطة تعافٍ حقيقة أم أن كل هذه طرق وحيل وخدع للتعايش مع الواقع والقدرة على التواجد فيه؟
هل نستطيع التعافي والتجاوز فعلاً إذا لم يتعافَ ويتشافى ويتجاوز أصحاب الشأن، وإذا كانت آلامهم لا تزال واضحة جلية؟
كل ما ترغب فيه فقط هو أن يُمسح على قلبه، أن يعرف ما تعرفه دون الحاجة لخوض المعارك والصراعات التي خضتها، وألا يصل للقيعان التي رأيتها، لكنك حقيقة لا تمتلك فعل أياً من ذلك ولا تمتلك أي خيارٍ فيه.