لا أعرف إن كنت أفضل العزلة حقيقةً أم أنني اعتدتها وألفتها، فيحصل كثيراً أن نعتقد أننا نحب أمراً ما لنكتشف فيما بعد أنه شعورٌ مألوفٌ لا أكثر بغض النظر عن كونه صحياً أو ذا أثر طيب علينا.
بعد عام ونصف من الجلسات أعلم الآن أنني أقف هنا في المنتصف، أعلم ما أعلمه، أعرف أن الأشياء والأشخاص لا يتغيرون لمجرد رغبتي في ذلك، أن رغبتي الفطرية في الحصول على مشاعر معينة أو اتصال حقيقي عميق مع من أوكلت لهم هذه الأدوار لن يجعل الأوضاع مختلفة.
“This is as good as it gets”
التواجد مع هذه الخلاصة والتأمل فيها ومحاولة إدراكها وهضمها دون تلبكات قلبية ونفسية هو أمر صعبٌ للغاية. وأن تعترف لنفسك أن عزلاتك الطويلة ما هي إلا جنوحٌ للمعتاد والمألوف وليس رغبة ولا حاجة، وأن الاتصال الصادق بالآخرين ينعش روحك وقلبك ويجعل الحياة ذات طعم ومعنى في عينيك. الاعتراف بهذه الحاجة البشرية ثقيل على النفس، لأن الحاجة للآخر يعني دائماً ضعفك لأنك عرّفت سابقاً قوتك بقدرتك على الاستغناء.
أن تجلس مع هذا وتعترف به دون أن تعرف ما يحمل المستقبل لك إلا احتمالية فراق صديقة حبيبة لأنها ستنتقل إلى بلاد أخرى في الجانب الآخر من العالم هو أمر مخيفٌ جداً، لأنها قد تكون أكثر علاقة صادقة حقيقية قد خضتها.
ويضيف إلى هذا الخليط صعوبة إنشاء علاقات حقيقية ذات معنى بالنسبة لك، دون إخفاء أجزاءٍ منك. دون قلق من أنك “قلت أكثر من اللازم”، أو “أقل من اللازم”، “هل أستطيع التعبير بشكل كافٍ”، “هل كان المفترض أن أقول شيئاً مختلف؟”.
مخيف أن تنظر إلى الماضي وترى أقدارك قد حتمت عليك ألفة العزلة والابتعاد وجعلت الاتصال الحقيقي بالآخر نادراً. لكن لا يمكن تغيير ما قد كان، فهل يمكن تغيير أمور جذرية فينا شكلت أساساتنا؟
“يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي”