لا أحب فكرة وجود أيامٍ عالميةٍ محددة للاحتفال بدورٍ ما، أفضل فكرة الاحتفال بأيام تتعلق بتواريخ شخصية، كمراجعة ما مررت به وتجاوزته وما وصلت إليه في ذكرى يوم ميلادي، ذكرى يوم الزواج وتأمل ما تخطيناه، الأعياد..الخ.
لا أفضلها لأنها تفتح ملفات ومشاعر مختلفة لأشخاص مختلفين، لأنها تفترض أداء السواد الأعظم من البشر لأدوارهم بإحسان، ولأن العلاقات البشرية علاقات شديدة التعقيد ولا أحب إعطائها صبغة المثالية لأن البشر ضعفاء ومتغيرون ومتقلبون، ولأن هذه الأيام تجعل هناك ثقلاً معيناً إذا كان لأصحاب هذه الأدوار في حياة الشخص أدواراً مختلفةً تماماً عن التصور المشاع والمُتغنى به عموماً.
مع البر والإحسان لأن الخالق أمر بهما، لكن حتى هذين المفهومين ليس لهما شكل واضح محدد، لأن كل علاقة تختلف بشكلها وتاريخها وعقدها وحاضرها ومعطياتها. حاولت كثيراً إعطاء نفسي مفهوماً ينسجم مع قيمي وإيماني لكن لا يتنافى مع طبيعة النفس البشرية ويكسرها ويتطلب منها ما لا تطيق. وإلى الآن لا أكاد أضع يدي عليه.
لا أحب فكرة الأمور العامة السائدة لأنها تضع اختلاف تجربة الشخص عن الأغلب محل تركيز، لأنها تجعل المختلف يشعر أن هناك ما ينقصه لاختلاف تجربته، أنه أقل من الآخرين حظاً أو مكانة في نفسه أو أن هناك خطأً ما إما في تكوينه كشخص أو أن مشاعره غير سوية أو أنه لا يستحق أن يكون كما الآخرين أو أنه ارتكب خطأً ما في حياته تسبب في وضعه.
أفضل فكرة الاحتفاء بالأشخاص بغض النظر عن مسمى أدوارهم، أولئك الذين استطاعوا رؤية وتلمس النور فينا ونحن في قاع الظلمات، والذين أحبونا ونحن لا نطيق أنفسنا، الذين لم يفقدوا فينا الأمل حين فعلنا، ولم يفلتوا أيدينا حين أردنا التخلي عن كل شيء. الذين أحسنوا إلينا وحاولوا لم شتاتنا بما لديهم من إمكانيات دون حتى أن يدركوا أنهم ساعدونا على رؤية أنفسنا بأعين مختلفة.