يقولون أنك تملك الاختيار، أن الاختيار بيدك وأنك من تختار رؤية الجانب المشرق أو المظلم من الأشياء.
أن ما وصلت إليه اليوم وحالك هو سلسلة من الاختيارات.
أن ردود فعلك لما يحصل هي من اختيارك بغض النظر عن الأحداث، أنك أنت من يحلل ويفسّر ويشعر حسب النصف من الكأس الذي تنظر إليه.
ولكن أليست ردود فعلك ومشاعرك وبناءك النفسي نتاج لعقود وسنين وأيام من أحداث وظروف وتفاصيل متراكمة قد تعلمها وتعيها وقد لا تفعل؟
هل يختار أحدنا ملء إرادته أن يكون هذا الظل رفيق أيامه؟
هل يختار هذه المسافة التي يتركها بينه وبين الآخرين خوفاً من تعريضهم له ولظلمته؟
حاولتَ قرع الأبواب والأسباب مراراً وتكراراً، هرباً وخوفاً، طمعاً وأملاً، يأساً ورجاءً، يحصل تحسّن مؤقت لكن الجذور لا تُقتلع.
تبتلع غضبك عندما يقوم أحدهم بالتفوه بالعبارات المتعلقة بالاختيار. أنت اخترت عدم الاستسلام لهذا الظلّ مراراً وحاولت سلخه عنك، حاولت تخليص رقبتك منه ليناً وعنوةً، بذلت ما تملك نفساً وطاقةً وجهداً لياليَ وأيّام طِوال. لكن لا يزال يتملكك ذات الخوف عندما تشعرُ بأنفاسه الثقيلة الكريهة تقترب، لأنك تعرف ما ينتظرك.
يراك الآخرون تمارس حياتك على أكمل وجه لأنك لا تود أن تكون أنت وهو عبئاً ثقيلاً على أحدهم، لأنك تقاوم بكل ما أوتيت من قدرة السقوط في هاوية بلا قاع، تنتظر لتخلو بنفسك حتى تنتزع القناع وتسمح للألم والخَدَر بالسريان دون مقاومة.
في خضمّ الألم يتراءى لك “للهُ أرحمُ بعبادهِ من هذهِ بولدِها”، وتأمل أن للحكاية نهاية خارج السياق.