ثقوبٌ غير ملائمة لأي من أيام الأسبوع

يشاء الله ويقدّر لحكمةٍ يعلمها أن تكون في الحياة شخصيات هي ابتلاءاتٌ ناطقة فاعلة، فيها من مسببّات الأذى ما فيها، إلّا أنه أذى غير واضح أو ظاهر للعيان، بل هو خفيٌ يعرفه أهل البيت فقط. أذى مستمرٌ بطيء ممتد، ليس عنيفاً ولا صارخاً، لكنه دؤوب خفي يعلو كلما ظُنَّ فيه الخفوت.

تبدو دمثةً متعاطفة كريمة رحومة ناجحة للأعين الخارجية، لكنها كالثقب المظلم الموحش للأقربين، ثقبٌ ينزع الأشياء الطيبة من النفس ويبدلها بأشياء أقرب للبشاعة تضطرب النفس في التعامل معها، تفعل ذلك ببطءٍ لا يُدرَك حتى تظن الأنفس أن ذلك من مكوناتها، لا من آثار الأذى.

لا يمكن لها قطعاً فذلك ليس ممّا شُرِع، ولا منعاً لأن المنع لا يحصل معها إلا بالقطع، فإمّا أن تحاول الأنفس الهرب إلى كل شيءٍ تتلمس أحد أوجه الجمال والأنس فيه وإن كان في ذلك احتمال مضرّة ويصبح ذلك هاجساً وهَوَساً، وإما أن تغرق في محاولات مستميتةٍ لاستئصال المسحة المشوهة الداخلية غير المرئية.

حتى تقترب من حافّة اليأس لأن عمر تلك الشخصيات لم ينقضي بعد، وتلك اللسعات مع تقدم الأعمار ومضيّها تزداد آثارها حرارةً وندوباً ويتقلّص جَلَد التحمّل، فتجد الأنفس علاقات مضطربةً مع النفس ثم مع الآخر ثم مع الحياة عموماً، لتكون الثقة مصطلحاً من أحد اللغات المنقرضة، حتى في رغباتها وحديثها مع نفسها.

تتعايش وتعيش مع أسئلةٍ لا نضوب لها، مقاوِمةً لأن تكون نتيجةً حتميةً لذلك، ومحاوِلةً لأن تنقّب وتجد في نفسها بعض مواطن الأشياء الطيّبة.

أضف تعليق