الثاني والعشرون من حزيران

يمضي يومي كغالب أيام هذا الأسبوع والأسابيع المقبلة حتى أنتهي من الدورة التدريبية والدراسة لاختبارها والحصول على الشهادة.

قد أقوم بأخذ إجازة في بداية أغسطس وأخرى في نهاية ديسمبر، حيث يجب علينا تحديد أوقات إجازتنا السنوية هذه الأيام.

كانت لدي نية للكثير من الكتابة التي كانت تدور في ذهني خلال اليوم لكنني لا أمتلك الطاقة الكافية، حيث يجب علي النوم الآن حتى أتمكن غداً من الاستيقاظ مبكراً والمرور على جزئية محاضرة اليوم.

أستمع إلى هذه المعزوفة الموسيقية يومياً عند المشي مساءً وبقية الألبوم، تعرفت على هذا الموسيقار مؤخراً وأصبحت أفضل الاستماع إلى مؤلفاته عوضاً عن مقاطع البودكاست، على الرغم من أن لدي الكثير من المقاطع التي أرغب في الاستماع إليها، لكن موسيقاه ومؤلفاته تأخذني إلى مكان بعيد لطيف وتزيد رغبتي في تعلم عزف البيانو.

تصبحون على خيرٍ وتوفيقٍ وأرزاقٍ واسعة

الواحد والعشرون من حزيران

أخيراً بعد مضي قرابة شهر من رمضان تمكنت اليوم من الاستيقاظ في الرابعة والنصف صباحاً دون العودة إلى النوم. مشيت في الهواء الطلق قبل شروق الشمس بقليل، الهواء مكتوم وحار على الرغم من أن اليوم في بدايته. ترددت في إكمال المشي في الداخل خاصةً مع ذباب الصيف.

هذا الأسبوع ألزمني عملي بأخذ دورة مباشرة عن بعد، تجهيزية للتقديم على اختبار بعدها، فكنت منهمكة بينها وبين أداء مهام العمل.

ذهني شديد الانشغال لأننا بعد أن انتهينا تقريباً من أعمال المنزل اكتشفنا أن المشكلة الرئيسية التي دعتنا إلى إجراء كل هذه الإصلاحات منذ ١٠ أشهر تقريباً قد تكون مستحيلة الحل. حقيقةً أشعر بالاختناق من الفكرة، صرفنا في المنزل ما يقارب نصف سعره للإصلاح وذلك لرداءة الخيارات الأخرى التجارية في السوق، وقمنا بشراء وتركيب معظم قطع الأثاث.

حقيقةً إن كان هناك عنوان لهذه المرحلة فهو الضياع على جميع المستويات: المنزل، العمل والعلاقات والرغبات.

رزقني الله وإياكم الطمأنينة والبصيرة

التاسع عشر من حزيران

لم أستطع كتابة شيء. على الرغم أنني في الغالب أصبحت أتخطى حتى قراءة أي شيء يجلب لي الأسى أو اليأس أو الإحباط، إلا أنني أذكر نفسي دائماً أن الغرض مما أفعله هو التدوين لأتذكر التقلبات وأحمد الله على الخروج من قاع اليأس مرات وكرات على الرغم من انتفاء الأسباب الأرضية وانقطاع الحيل.

كان يوماً مليئاً بالدعاء والتقلب بين الرجاء واليأس، أشعر وكأن جسدي وعقلي وقلبي يمرون في حالة إعادة برمجة و”عصر”، أحاول أن أبقى فيها دون هروب حتى أخرج بالحقائق الغير مغلفة.

لم أشعر بضعفي البشري كما أفعل هذه الأيام. تبرد علي محادثتي لنفسي: أن الله يسمع ويرى، أنني لست وحيدة في ما أمر به ولا وحدي، أنه كان معي منذ البدء ويرى ويعلم كل تفصيلٍ صغيرٍ دقيق حتى وإن غمرني أحياناً شعور الوحدة والضياع فهو يرى ذلك ويسمعه، أنني لا أجابه هذا كله وحدي وإن شعرت بذلك، وأن ألطافه قد أنقذتني ملايين المرات وانتشلتني.

الثامن عشر من حزيران

لا أعرف ما هي الترجمة الأدق لlonging

هل هي توقٌ، حنينٌ أم تعطّش؟

كل ما أعرفه أنني شعرت اليوم بالتوق يغمرني. جلست على السرير بعد العصر دون رغبةٍ في الحراك، أغمضت عيني وسمحت لنفسي بالانزلاق إلى مناطق تخيفني عادةً.

أتوق لنورٍ يغسل روحي، عقلي وأحشائي.

أتوق ليومٍ لا يصبح فيه هذا الظلام جزءاً من تكويني. كلما أحسست بالجمال أو النور، تتسلل الدموع إلى عينيّ بهجةً وقلة تصديق وتعطّشاً.

أتوق للشعور بالحب، هل سأستطيع ذلك يوماً أم أن القلب يصيبه العطب ويفقد بعض خواصه من سوء الاستخدام والظروف وعوامل التعرية كأي شيءٍ آخر؟

أتوق للقدرة على التعبير عن الحب والمشاعر دون حكمٍ على نفسي بالضعف والصغر والقلّة. أن أتمكن من التعبير دون خوفٍ واقف بالباب من ترك الآخر وقسوته وجفائه المحتمل مستقبلاً.

أتوق للثقة بمشاعري وحدسي دون إخضاعهما لحكم المنطق دائماً وكتمان صوتها إذا لم تتوافق معه.

أتوق لعلاقاتٍ إنسانية حقيقية، دافئة ومبهجة، مريحةٍ غير دائمة التأرجح والألم.

أتوق لليقين التام، الاستسلام والتوقف عن المصارعة.

أتوق لأن أتمكن من المرور على الماضي، أي جزءٍ منه، دون أن أشعر بالتخبط والضياع، وأن أخشى طول الطريق ووعورته الذي يتوجب علي قطعه حتى أنجو من نفسي.

أتوق لأن أتوقف عن رؤية سلسلة لا منتهية من محاولات الانتماء الفاشلة.

السابع عشر من حزيران

اليوم كان حافلاً جداً مقارنة بالشهور الماضية. خرجنا من المنزل في السابعة والنصف صباحاً وقضينا ما يزيد عن ثلاث ساعات في “شارع الكهرباء” كي نختار إضاءات للمنزل. لم يكن الاختيار سهلاً أبداً وكانت الشمس لاسعة. لم أعتقد أننا سنقضي هذا العدد من الساعات بين المحلات للاختيار فلم أقم بتناول الإفطار قبلها.

عندما عدت إلى المنزل كنت جائعة جداً وبعد تناول الإفطار أصبح رأسي ثقيلاً ونمت أثناء أداء مهام العمل دون وعي لثلث ساعةٍ تقريباً واستيقظت بصداع. أعتقد أن جسدي يحتاج إلى وقت للتعود على قضاء بضع ساعاتٍ خارج المنزل.

بعد الانتهاء من العمل تواصلنا مع شركة الأثاث التي يفترض أن تقوم بإيصاله غداً لنكتشف أنهم قاموا بإلغاء الطلبية دون أي تواصل أو خبر. غضبت وتوترت جداً لأنني أخذت وقتاً طويلاً للاختيار كما أن العديد من الأمور متوقفة على إحضارهم للأثاث. قررنا زيارة المحل فيزيائياً وإعطائهم قائمة بالقطع لشرائها.

بعد العودة راودتني نفسي أن أعفيها من تمارين اليوم لأن طاقتي ليست في أفضل حالاتها كما أن الوقت تأخر (أفضل التمرين أثناء وجود الشمس في الخارج ولا أمتلك سبباً مقنعاً) لكنني في النهاية تمرنت. كنت جائعةً جداً بعد ذلك لكن والدتي أخبرتني أنهم يتسامرون في الهواء الطلق خارجاً فذهبت لقضاء بعض الوقت معهم. عدت لتناول ال”غدعشاء” وتدوين اليوم. لا زلت لم أنتهي من وردي اليومي ولا من خطواتي، يبدو أني سأكملهم وأغوص في النوم كما “القتيلة”.

تصبحون على خيرٍ وعافيةٍ ورضى ورضوان

السادس عشر من حزيران

كان العمل اليوم أخف من المعتاد، فقضيته في إعداد القوائم الخاصة بالانتقال إلى المنزل.

شاهدت فلم Eighteen Presents الذي يحكي قصة فتاةٍ توفيت والدتها أثناء ولادتها، غضبها ومن ثم تصالحها معها. لن أذكر تفاصيل أخرى حتى لا أحرق الفلم لمن يرغب بمشاهدته.

جعلني أتأمل احتمال أن نكون نكون أكثر تفهماً وأجلد على الصفح وتقبلاً لخياراتهم معنا إن كنا قد حضرنا معاناة أبوينا وفهمناها أثناء حصولها قبل إدراكنا وقبل حضورنا إلى هذه الدنيا وتعاملنا مع هذه النسخ منهم.

أرى أن ذلك ينطبق على التعامل مع البشر بشكل عامٍ أيضاً. كيف أن القدرة على عذر الآخر ومسامحته تنبع غالباً من تعاطفنا مع الاحتمالات التي قد يكون متعرضاً لها. ثم يتبادر إلى ذهني ذلك الخيط الرفيع بين التعاطف مع الآخر والتجاوز وبين السماح للآخرين بالتعدي حتى دون أن نذود عن أنفسنا الأذى.

أعتقد أن العديد من الخيوط الرفيعة التي في جعبتي تفصل فيها الحكمة. رزقني الله وإياكم إياها.

الخامس عشر من حزيران

كانت ليلة البارحة مليئة بالأحلام المزعجة وذلك لأن أحدهم وضع في انستقرام أعداد المصابين بالأمس، أتجنب الاطلاع على الأخبار عموماً وأتجنب متابعة ناشريها والاطلاع على أي منها قبل النوم.

يبدو أنني سأقوم بتناول نفس الإفطار كل يوم حتى تنتهي علبة الفطر التي قمت بإحضارها. أكثر ما أتطلع له هذه الأيام هي وجبة الإفطار وأقضي وقتاً طويلاً في إعدادها ببطء.

فترة ما بعد الظهر إلى العصر كانت في محل الستائر، لم يكن الاختيار سهلاً فالسوق ليس متنوعاً هنا كما أنني لم أرغب في زيارة عدة أماكن فالجو شديد الحرارة والكمامة تزيد الوضع سوءاً. علي البدء في اختيار الإضاءات هذا الأسبوع أيضاً. لازلت أحاول هضم فكرة أن المنظر الطبيعي لمدة قادمة غير معلومة سيكون عدم التعرف إلى أوجه الناس أو رؤيتها.

يمضي اليوم سريعاً بعد العمل. سأتذكر دائماً أن أتجنب العمل مع أقارب قدر الإمكان في المستقبل فالمكتب الهندسي الذي يشرف على أعمال المنزل هو لأحد أقاربي مما وضعنا في مواقف محرجة عدة مرات فامسك نفسي عن الانفعال لأنني لا أريد قطع حبال الود. متحمسة جداً لإكمال التأثيث والانتقال على خير. لم يخطر لي بالطبع أنني سأقوم بمعظم العملية دون رؤية الأشياء على الواقع.

تصبحون على واقع افضل

الرابع عشر من حزيران

على الرغم من أنني لم أنم ليلة البارحة سوى ثلاث ساعات، إلا أن مزاجي متحسن اليوم بشكل ملحوظ، ربما يعود السبب إلى أنني ذهبت للتسوق من السوبرماكت في أول ساعة من رفع الحظر بعد مدة طويلة من الانقطاع حيث كنت لا أرتاح للوسوسة التي تصيبني كل ما خرجت من المنزل. وكان من حسن حظي أنه لم يكن احد سوانا هناك.

منذ ما يقارب اليومين أحسست بآلام في ركبتي وقد اعتدتها واعتادتني وأصبحت لا أخاف منها كما في السابق، فالمشكلة هي مشكلة عدم اتزان عضلات، تكون بعضها مشدودة جداً والأخرى شديدة الارتخاء. اكتشفت قناةً لمعلمة يوجا لديها قائمة كاملة خاصة بالـ hip opening وساعدتني كثيراً في تخفيف الآلام.

عدت للمنزل وقمنا بتعقيم المشتريات، أعددت أومليت بالفطر وجبنة التشدر البيضاء مع خبز الدانوب الطازج الذي أحضرناه اليوم وكان المذاق كما تخيلته أثناء إعداده.

اليوم كان مليئاً بالاجتماعات ومكالمات العمل، بعد الانتهاء من وقت العمل تناولت الغداء وتبادلت الحديث قليلاً مع والدتي وأختي. بين الانتهاء من العمل وصلاة العشاء يُبتلع الوقت تماماً بشكل غريب. لا زلت أبحث عن شيء يشد انتباهي لأشاهده.

أعتقد أنني سأكمل خطواتي وأخلد إلى النوم مبكراً فجفناي ثقيلان جداً.
أنهيت يومي بالاستماع لأحد أكثر الأغاني بهجةً بالنسبة لي والتي يتردد مقطعها في ذهني منذ أيام: وسبني أحلم سبني

الثالث عشر من حزيران

كانت جلستي مع الأخصائية اليوم صباحاً مليئة بالأسئلة الصادرة منّي إليّ عنّي. ينتابني عديداً من الأحيان شعورٌ أشبه بالغضب من نفسي: لم كل هذا التعقيد ولم لا أستطيع أخذ الأمور ببساطةٍ أكثر والرضى دون هذه “المعافرة” المستمرة.

بعد الانتهاء منها دائماً أحتاج للاختلاء بنفسي لابتلاع كل ما تفوهت به. أعتقد أن نصف العلاج عن طريق الحديث ينتج عن سماع أفكارنا ومشاعرنا بصوتٍ مرتفع دون أن يكون نابعاً من رغبة الحصول على موافقة الآخر، تقبله أو إعجابه ودون محاولةٍ للتبرير.

الحديث عن مشاعري شديد الصعوبة عليّ، لا زلت أشعر بالقلق قبل كل جلسة وخلصت إلى أن السبب هو أن ذهني ربطها بالشعور بعدم الراحة الناتج عن الحديث عن أمورٍ ومشاعرٍ لم أتفوه بها مسبقاً.

أرغب في التفكير بقرارٍ مصيري دون مدخلات خارجية خلال الفترة القادمة، وتراودني نفسي للانقطاع عن مواقع التواصل الاجتماعي باستثناء الكتابة دون القراءة.

أحتاج للذهاب إلى السوبرماركت بعد مضيّ ما يقارب الشهرين منذ آخر زيارة، حيث أفضل طلب الخضراوات والفواكه من دكان عضوي، أستمر في تأجيل الزيارة لأني أستثقل عملية التعقيم اللاحقة. قد أذهب غداً صباحاً أو أطلب ساعة تصريح بعد بدء ساعات الحظر لتجنب الازدحام.

تصبحون على خيرٍ واطمئنان وراحةٍ وسلام

الثاني عشر من حزيران

كان اليوم هادئاً كما أحب لأيام الجمعة أن تكون.

بدأته بالمشي وبإفطارٍ هادئ. أحب ممارسة كل شيء ببطء وتروي ويوترني الاستعجال.

جاء إخوتي لتناول الغداء، استطعت الالتزام بتناول بقايا غداء الأمس باستمتاع بينما كان غدائهم من أحد مطاعم البرجر المفضلة لدي والتي أعد نفسي بها بين الحين والآخر.

أصبحت أفضل اعتبار ما أفعله هو لعافيتي الجسدية والنفسية لا لهدف نزول الوزن فقط.

تنقلت بعدها بين المسلسلات في نتفلكس، لا أجد شيئاً يثير الاهتمام.

أنهيت الليلة بمشاهدة سهرة مي فاروق في دار الأوبرا المصرية والتي ختمتها بأمل حياتي وشعرت بالدفء والابتسام يتسللان إلى قلبي.