البحث عن الفسيلة

أستشعر رحمة الله سبحانه وتعالى بأمره لنا على لسان الحبيب صلى الله عليه وسلم بالاستمرار بالغرس وإن قامت القيامة، لأننا إن تُركنا لضعفنا وعجزنا ويأسنا قد نقرر عدم الجدوى ونستسلم للغرق. مع ما يحدث منذ أشهر لإخوةٍ لنا تصاغر كل شيء، وظهر سؤال المعنى والجدوى مرة أخرى، وكانت دائماً الإجابة الذهنية واضحة لأن الجدوى قد لا تكون مرئيةً لي لكنها مرئيةٌ هناك لأن الأمر كان بالسعي، إلا أن شعوري يكاد يكون منفصلاً عنها.

وعلى غير سبيل الصدفة -لأنه لا صدف- وقعت عيناي في كتابٍ على عبارة صاغت ما توصلت إليه بشكل أوضح: “الفسيلة لن تغير العالم، لكنك أمرت بغرسها ولو قامت القيامة، لأنك تجدها في ميزان حسناتك تثقله، وهذا هو المهم”.

لكن السؤال الأوضح المتكرر على ذهني كان: ماذا لو كان الشعور بعدم الجدوى ناشئٌ عن مدى حقيقة نفعية ما أغرس؟ ماهي فسائلي؟ ما هي فسيلتي؟

ما أغرسه وأسقيه يبدو لي كشجرةٍ يابسةٍ جافّة.

كنت أتصفح الرسائل الواردة إلى بريد العمل الالكتروني، قرأت أحدها و”نغزني” قلبي، انتابني شعورٌ أعرفه مصدره جيداً وشكله ونتيجته.

وكأنّ المُضغة الأهم في الجسد تأتي في ذيل قائمة ما هو مهم في واقع الحال. أحتاج إلى إعادة تقييم كل شيء، فالحاجة المستمرة لتخدير هذه المضغة حتى أستمر على ما أنا عليه لن تقتصر نتائجها على ما هو غير طيّب، فلا تملك اختيار الجزء المخدّر.

وذلك يحتاج إلى وفقةٍ مع كل شيء وتوقف عن معظم الأشياء لإعادة تحديد وتغيير المسار، فلا أحد يستطيع قراءة نفسه بدقة ورؤية حقيقتها وإجابة الأسئلة الكبرى وهو يركض لاهثاً بشكلٍ مستمر، وللوقفة والتوقف ثمن أحاول تحديد ما إذا كنت أستطيع تحمل ثمنهما الآني وطويل المدى.

أستيقظ السبت صباحاً، أعدّ الفطور بهدوء وأشعر أن جبلاً قد سقط من على كتفاي، يدخل الهواء لرئتاي مجدداً، فتكون الإجابة واضحة لما يجب علي تركه، لكنها غير واضحة أبداً عمّا يجب عليه فعله.

ربّنا هب لنا من لدنك رحمةً، وهيّء لنا من أمرنا رشداً.

2 comments

  1. أفاتار فاطمة
    فاطمة · فيفري 10, 2024

    العزيزة. تعجبت كثيراً لما قرأت الفسيلة. لأنني أنا أيضاً كنت أفكر في الفسيلة. وكنت أفكر فيها وأنتِ حاضرة في هذا التفكير.
    تفكيري عنها مختلف بعض الشيء عما قرأت لك، لكن الطرق كلها تؤدي إليها. ولله الحمد والمنة. أرسل لك الكثير الكثير من الأشياء الطيبة. سلّة مليانة بمكنونات القلب. حفظك الله ورعاك، ويسر لك الأمور وفتح عليك وعلى من تحبين فتوح العارفين المحبين.

    إعجاب

    • أفاتار محاولة
      محاولة · فيفري 13, 2024

      العزيزة فاطمة
      يا محاسن الصدف وبختها أن تتلاقى أفكارنا في شيء واحد، وإن كان مختلف الماهيّة.
      يارب يا حبيبة، وإياكِ، وزادكِ من فضله ولطفه وعافيته ونعمه وكرمه. 🤍

      Liked by 1 person

اترك رداً على محاولة إلغاء الرد